“مدفع الإفطار” الصدفة بطل وجوده.. والتكنولوجيا أبطلت مفعوله   

كتب- وليد سليم:

 

“مدفع الإفطار اضرب” بتلك الجملة اعتاد العالم العربي بشكل عام، والمصري بشكل خاص الاحتفال بأجواء اقتراب شهر رمضان المبارك، فمع اقتراب شهر رمضان المبارك تظهر إعلانات وبوسترات تحمل صورة لمدفع رمضان، لتستعيد بتلك الصورة أجواء الشهر المبارك، فضلًا أن أذهان المواطنين مازالت مربوطة على مدار الأجيال الماضية بصوت المدفع والذي يعلن بموجب صوته عن حلول موعد الإفطار أو الإمساك خلال شهر رمضان، ولكن ما هي بداية نشأت هذا المدفع  وكيف ظهر ومن صاحب فكرته؟.

في بداية انتشار الإسلام كان المسلمون يعتمدون على غروب الشمس وظهور الخيط الأبيض في السماء للإفطار أو الإمساك خلال شهر رمضان، ومع انتشار المآذن بدأ الاعتماد على أصوات المأذنة لتعريف الصائمين بموعد حلول الإفطار، ويشار إلى أنه في بداية شهر رمضان وبالتحديد في عام 865 هـ أراد السلطان المملوكي خشقدم، أن يجرب إحدى المدافع المهداة له عن طريق إطلاق قذيفة منه، وتصادف ذلك في وقت آذان المغرب.

الأهالي ظنوا في تلك اللحظة أن صوت إطلاق المدفع كان لتنبيه الصائمين أن المغرب قد حان وأن ساعة الإفطار قد وجبت، فتوجهوا في جماعات لشكر السلطان المملوكي على تلك البدعة التي ساعدتهم على سماع ووصول صوت تنبيه للإفطار لهم، وذلك قبل وجود مكبرات الصوت.

السلطان المملوكي أعجب بالفكرة وسن وجود مدفعًا يطلق كل يوم مع صوت الآذان لتنبيه الصائمين بموعد الإفطار وأضاف عليه مدفعًا آخر في الإمساك عقب السحور.

ولكن تلك الرواية لم تكن الرواية الوحيدة لظهور مدفع رمضان، حيث قيل إن المدفع ظهر في عهد الخديوي إسماعيل مع ورود دفعة مدافع جربها أحد الجنود وأطلق ذخيرة منها في وقت الإفطار فقدم الأهالي لتقديم الشكر للخديوي وأعجبت الحاجة فاطمة نجلة الخديوي بالفكرة وعممتها وأضافت مدفعًا للإمساك أيضًا.

الرواية الثالثة لظهور المدفع وبدايته جمعت بين الروايتين، حيث أكدت أن المدفع أصل نشأته وظهوره يرجع للسلطان المملوكي خشقدم، وترك حتى وصل في عهد الخديوي إسماعيل، وتوجه الأهالي لتقديم طلب للخديوي لإطلاق المدفع وإعادته مرة أخرى إلا أنهم لم يجدوه، ووجدوا الحاجة فاطمة نجلة الخديوي إسماعيل، والتي وعدت برفع الأمر للخديوي ووافق عليه عقب ذلك، وسمي المدفع وقتها بمدفع الحاجة فاطمة لفضلها في إعادة إحياء تلك العادة.

ظل المدفع يستخدم طلقات حية حتى عام 1859م ومع كثرة الكتلة السكانية من حوله وظهور طلقات غير حية تستخدم في المدافع ومع خشية تأثير الطلقات الحية على المساكن المجاورة وعلى القلعة، بدأ استخدام الطلقات غير الحية في المدافع.

نقل المدفع أكثر من مرة وكأن أولها نقله من القلعة إلى نقطة الإطفاء في منطقة الدراسة القريبة من الأزهر الشريف، ثم نُقل مرة ثالثة إلى منطقة البعوث قرب جامعة الأزهر، ومع ظهور المعدات الحديثة والتكنولوجيا في نقل أصوات الآذان، وظهور الراديو والتلفزيون ووسائل نقل كثيرة، بات المدفع معلمًا أثريًا فقط، وظهوره على شاشات التلفاز أمر يرجعنا للحنين للماضي.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى