هوس المشاهدات بقلم: د. نهلة جمال

بين العطاء والخذلان تدور الدوائر لتحكم قبضتها علي القلوب فمنها من يفر هاربا طالبا الأمان ومنها من يقف منتقما ولا يبرح مكانه إلا بعد الإذلال لكل الظالمين، موضوعات منسوخة من بعضها تتسم بتغيرات طفيفة لحبك التنوع المفترض وترجمة ركيكة لا تميز بين الذكر والأنثى في أغلب الجمل ، ورغم ذلك تنجح في جذب المشاهدات والمتابعات سواء وردت لنا عبر التطبيقات الخفيفة من الشرق أو الغرب بملامح أجنبية وأجساد رشيقة وخلفيات مكانية نظيفة أو طبيعة أسطورية.

تعتمد في مجملها علي إشباع رغبة المشاهد في متابعة السرد القصصي المرئي الذي يحكم ويجلد الظالم فيحقق له حالة اسقاط لأوجاعه ويطرح الأمل في تبديل حاله، أو رؤية الانتقام الإلهي فيشحن بطارية الصبر لديه، والبعض يستمتع بحكيهم الرومانسي وفكرة الحب والحماية والسند هروبا من واقع لا يروي إحساسه العاطفي.

هذا ملخص ما يطلقون عليه المسلسلات السريعة الأجنبية علي تطبيقات الفون المختلفة التي تسهم في تشكيل وعي أجيال بمحتوي فقير موجه يعكس ثقافات غريبة كالمساكنة والاجهاض والتخلي عن الأطفال وغيرها ، ولعل منها ولدت أفكار المشاهد القصيرة بمواقع التواصل التي تتبادل الصفحات عرضها بوجوه مختلفة ممن يسعون للشهرة ويجدون فيها ملاذا لممارسة التمثيل ولكن النسخة العربية كعادتها فتحت مصراعيها لمشكلات الزواج في بيت العيلة وعلاقات الحماة بزوجات وأزواج أولادها وبناتها في إطار من التقليدية والحفاظ علي السياق المجتمعي العام ، وهنا تحدث بلا حرج عن السطحية والرتابة والملل وتدني الحوار عند البعض منهم وهذا لا ينفي براعة وتميز قدرات البعض الآخر في اختيار الحبكة والتمثيل وهو ما أسفر عن نجاحهم واستمرارهم.

ولعل هذا مؤشر هام لضرورة صياغة معايير فنية لنشر المحتوي الرقمي الدرامي وتوعية الجمهور بأن بعض أنواع العسل قد تضمر سما فأحذروه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى